هذه الربانية تغرس اليقين في قلب المسلم أنه دائمًا على الحق طالما لم يخالف دينه
وهذه الربانية لا تدفع المسلمين إلى إنشاء المجامع لتصحيح مسار العقيدة أو اللجان العلمية لتنقيح الكتب المقدسة ؛ لأن الله سبحانه حفظ لهم دينه وشريعته ، وهم يعلمون جيدًا حدودهم ومقامهم فلا يتدخلون في الوحي الإلهي بعقولهم ، أو بأيديهم بل يحفظون نعمة الله عليهم فيها.
وهذه الربانية لا تضع خصائص الله سبحانه في يد البشر أو تعطيهم من هذا الدين ما لا يحل إلا لله وحده،كالخضوع المطلق والطاعة الكاملة والتعظيم المتناهي المقرون بالمحبة الخالصة وغير هذا من العبادات القلبية والعملية التي لا تصرف إلا لله وحده .
إن هذه الربانية تحصر الوجود كله في حقيقتين الأولى هي الألوهية المطلقة بكل خصائصها المتفردة لله سبحانه وحده لا شريك له ،
والحقيقة الثانية: العبودية الكاملة المسيطرة المحيطة بكل شيء دون الله سبحانه كبر أم صغر ، فكل ما هو دون الخالق مخلوق ومحدث خاضع لله ومفتقر إليه .
وهذا الدين والتعبد به لله هو العلاقة الصحيحة بين مقام الألوهية والعبودية ولا سبيل آخر للبشر للوصول إلى ربهم إلا بالعبادة والخضوع له سبحانه وفق ما شرع لهم
ولعلك لا تدرك هذه النعمة وتعرف مقدارها إلا عندما تطالع تاريخ الديانات الأخرى وتطورها عبر الزمان والمكان واختلافها بحسب البيئات والعصور ,وتسلط البشر على هذه الديانات حتي أحالوها مسخاً مشوهاً يثير الاشمئزاز.
ولنأخذ المسيحية مثلاً على ذلك :
لقد ولد المسيح وعاش بين التلاميذ ثم رفع ولم يقل ولو مرة واحدة" أنا الله أو اعبدوني" ولم يصرح ولو مرة واحدة أنه أكثر من بشر بل إنه كان يلقب نفسه دائما ب" ابن الإنسان "
وما يُنسب إلى المسيح في الأناجيل يؤكد ذلك بقوة ووضوح لا يوجدان في ما تُأوَّله الكنيسة على عكس ذلك ونذكر بعضاً من أقواله
- يقول المسيح: " ولا تدعوا لكم أباً على الأرض لأن أباكم واحد، الذي في السماوات. ولا تدعوا معلمين، لأن معلمكم واحد، المسيح" (متى 22/9-10).
- ومن ذلك أيضاً ما جاء في متى: " وإذا واحد تقدم وقال له: أيها المعلم الصالح، أي صلاح أعمل لتكون لي الحياة الأبدية؟ فقال له: لماذا تدعوني صالحاً، ليس أحد صالحاً إلا واحد، وهو الله" (متى 19/17).
- وكذا قول المسيح " 3وهذه هىَالْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ هِيَ أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ الإِلهَ الْحَقَّ وَحْدَكَ،:و يَسُوعَ الْمَسِيحَ َالَّذِي أَرْسَلْتَهُ. 4 " (يوحنا 17/2-3)، وهذا القول هو معني لا إله إلا الله المسيح رسول الله
-وقال المسيح لليهود " 40 و لكنكم الآن تطلبون أن تقتلوني و أنا إنسان قد كلمكم بالحق الذي سمعه من الله هذا لم يعمله إبراهيم*"يوحنا 8-40
- ولما جرب الشيطان يسوع وقال له: " أعطيك هذه جميعها إن خررت وسجدت لي، حينئذ قال له يسوع: اذهب يا شيطان. لأنه مكتوب: للرب إلهك تسجد، وإياه وحده تعبد" (متى 4/-10
- وقال المسيح لليهود: "أنتم تعملون أعمال أبيكم.فقالوا له: إننا لم نولد من زنا. لنا أب واحد، وهو الله. فقال لهم يسوع: لو كان الله أباكم لكنتم تحبونني، لأني خرجت من قبل الله وأتيت، لأني لم آت من نفسي، بل ذاك أرسلني" (يوحنا 8/41-42).
وبطرس أفضل التلاميذ واحبهم إلي المسيح يقول بعد رفع المسيح
22(َيَا بَنِي إِسْرَائِيلَ، اسْمَعُوا هَذَا الْكَلاَمَ: إِنَّ يَسُوعَ النَّاصِرِيَّ رَجُلٌ أَيَّدَهُ اللهُ بِمُعْجِزَاتٍ وَعَجَائِبَ وَعَلاَمَاتٍ أَجْرَاهَا عَلَى يَدِهِ بَيْنَكُمْ، كَمَا تَعْلَمُونَ) أعمال الرسل 2/
واثنان من تلاميذ المسيح يشهدان أمامه بعد قيامه هو متخفي بأنه لم يكن سوى نبي من الله ويقرهم يسوع علي هذا الإيمان وهذه العقيدة (9فَقَالَ لَهُمَا: «مَاذَا حَدَثَ؟» فَقَالاَ: «مَا حَدَثَ لِيَسُوعَ النَّاصِرِيِّ الَّذِي كَانَ نَبِيّاً مُقْتَدِراً فِي الْفِعْلِ وَالْقَوْلِ أَمَامَ اللهِ وَالشَّعْبِ كُلِّهِ،) لوقا 24/19
ويؤكد العلماء هذا في كثير من المواضع
وللحديث بقية